روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | معـاق ولــكن...

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > معـاق ولــكن...


  معـاق ولــكن...
     عدد مرات المشاهدة: 2721        عدد مرات الإرسال: 0

إن النفس الإنسانية كتلة من المشاعر والأحاسيس تتفاعل مع مؤثرات الواقع ومتغيراته، ومهما فقدت تلك النفس شيئا من مقومات الخلقة السوية بفقدها عضوا أو حاسة من الحواس أو قلت عندها كفاءة الأداء في أحد أعضاء الجسد فإنها تبقى نفس إنسانية لكنها تحمل لقب معاق أو معوّق فهل يحرمها اللقب الذي يحكي واقع الحال متطلباتها الإنسانية، أم أنه يزيد الاهتمام بالجانب الإنساني لسد ثغرة العجز التي اجتاحت ذلك الإنسان!..

للأسف أن من الناس من إنقسموا إلى قسمين على طرفي نقيض فمنهم من أولى إهتمامه الكامل للمعاق الذي يخصه وأغدق عليه من المشاعر ما زاد شخصيته ضعفا على ضعف، حتى صار رقيق المشاعر قريب الدمعة لا يتحمل حتى النظرة وإن كانت عابرة لا تخصه.

ومنهم من أهمل ذلك المعاق إلى درجة الإستحياء منه والإبتعاد عن إدراجه في المجتمع وكأنه هم ينتظر الفرج منه والفكاك، ومازالت تؤلمني تلك الذكرى لمنظر ذلك الطفل المعاق في أحد المتنزهات وقد إجتمعت والدته وقريناتها على ما لذ وطاب من المآكل والمشروبات وتبادل أطراف الحديث والنكات، وذلك الطفل يزحف على بطنه يلتقط بقايا من الطعام في الأرض دون أدنى إحساس من والدته، إقتربت منه فإذا هو مسالم جدا، ظننت أنه لم تجدي السبل في نهيه عما في الأرض لقلة في عقله لا تمكّنه من الإستيعاب، لكن ما أن نهيته ووعدته بجديد حتى إبتسم وترك ما في الأرض وتبعني زحفا، فإشتريت له ورجع زاحفا إلى أمه مستبشرا لتقول له وبلا مبالاة: يا سلام خليك بعيد.

لن أعلق على هذا الحدث بل سأتركه مفتوحا لكل من يحمل بين جنبيه قلبا يستوعب الحنان ويدرك الأمانة.

ولكن لن أترك القراء الكرام على هذه الصورة القاتمة بل سأنقلكم إلى صورة مشرقة تتجسد فيها معاني الأمومة الحقيقية، ففي أحد مراكز تأهيل المعاقين قابلت طفلة معاقة تبلغ السابعة من عمرها، لكن تتجاوز العاشرة من الثقة والمنطق والردود الجميلة التي تنبئ حقيقة عن البيئة المستقرة الأم الحاضنة التي ترعاها، طفلة مرتبة وأنيقة وواثقة، لقد كفتني منها عبارة: الله يعوضني بالجنة، أنا ما أمشي الآن لكن بمشي بالجنة اللي أحلا من الدنيا بإذن الله.

قررت أن أنتظر لأرى والدة هذه الطفلة فإذا بها تقبل مبتسمة وعلامات الرضا بقدر الله واضحة على محياها، وفعلا رأيت كيف تخاطب ابنتها وتتعامل معها معاملة راقية حنونة، وتحاول أن تباشر حاجات ابنتها بنفسها، فما كان مني إلا أن سلمت عليها وهنأتها لترد: لعل ابنتي بابا إلى الجنة.

¤ همســـة:

إن المعاق إنسان فيجب أن لا نتخلى عن الإنسانية في التعامل معه، وإدراجه في المجتمع دليل وعي إدراك.

الكاتب: هند الزميع

المصدر: موقع المختار الإسلامي.